Saturday 9 August 2008

قصة قصيرة - البوم الصور

البوم الصور
كانت صورة زوجته أمامه .. منذ لحظات .. فى البوم الصور .. على سريره المنكوش .. الذى هو صورة من غرفته التى تدب فيها الفوضى فى كل ركن من أركانها .. فهذه ثيابه ملقاة على مقعد بلا عناية .. وبعض الجوارب المتسخة بجانب الدولاب ملقاة على الأرض .. وبجانبها بعض ثياب العمل المتسخة .. وعلى الطاولة الصغيرة .. تزدحم أكواب الشاى والقهوة المتسخة .. وتتناثر أيضاً بعض الفاكهة ..وعلى تلك الطاولة .. بجانب السرير توجد أيضاً قوقعة لإطفاء السجائر كانت مليئة بالأعقاب والرماد .. وعلى الطاولة توجد زجاجات الشراب .
كان يجلس على حافة السرير .. وقد صب لنفسه كأسا من الشراب .. وكان يستعرض صور العائلة فى البوم صغير ..ومنذ لحظات .. كانت صورة زوجته أمامه .. وإختفت .. راح يبحث عنها بين طيات غطاء السرير .. لم يجدها .. رفع كل الأغطية والملائات من على السرير ورجها .. لم يجدها .. القى بكل الأغطية على السرير المنكوش .. وجلس على حافة السرير .. صب لنفسه كأساً آخر من الشراب .. وقد أعياه البحث عن الصورة .. رفع الكأس وأفرغها فى فمه دفعة واحدة .. مسح فمه بطرف ذراع البيجاما ..
سمع صوتا خفيفاً من بين أغطية الفراش على سريره المنكوش .. إنتبه لمصدر الصوت .. فشاهد الأغطية تتحرك وترتفع وكأن بداخلها شىء ينتفخ ويكبر .. إنكمش مذعوراً فى أقصى طرف السرير .. وإصطكت أسنانه بعضها ببعض .. وهو يشاهد الأغطية وهى تهبط من على سريره المنكوش وبداخلها الشىء الذى ينتفخ ويكبر .. وراحت تتحرك على أرض الغرفة التى دبت فيها الفوضى فى كل ركن من الأركان .. وفى منتصف الغرفة توقفت الأغطية عن الحركة .. وبدأت البطاطين تسقط على الأرض .. ثم ملائة السرير .. وأذا به وجها لوجه أمام زوجته .
كانت تنظر إليه بعينيها الجميلتين .. حاول أن يتكلم .. فلم يستطع .. ماذا يحدث بحق السماء .. أنها منذ لحظات كانت صورة داخل ألبوم الصور .. ثم ما هذا الذى تفعله ؟؟ إنها تخلع فستانها الأبيض المزخرف بالورود .. وقميص نومها النيلون الشفاف ..
إمتلك كل شجاعته وتكلم .. سألها .. ماذا تفعلين ؟؟ وكيف أتيت إلى هنا ؟؟
لم ترد على أسئلته .. وتابعت خلع ملابسها حتى أصبحت عارية بجمال إفروديت ..
قام من على حافة السرير ولكنه لم يتحرك .. فجلس ثانية .. وراح يفرك عينيه بيديه .. وحدث نفسه .. أهل أنا فى حقيقة أم خيال ؟؟ أهل هذا تأثير الإفراط فى الشراب ؟؟ ولكنى متيقظ .. والدليل أننى أفكر .. وسأشعل سيجارة الآن .. هذه هى السيجارة وهذه هى الولاعة ..
وحرك إصبعه على الولاعة .. فأرتفعت شعلة صغيرة من اللهب .. أشعل سيجارته
وحدث نفسه : نعم أنا متيقظ .. وما أراه ليس حلما ً
نظر أليها .. لم يستطع أن يحدد أى إنفعالات على وجهها .. وكأنه أمام تمثال جميل لإفروديت ..إنه يتذكر يوم رسم صورتها أول مرة .. كما هى الآن .. بهذا الجمال الساحر .. الشعر الأسود والخدود المتوردة .. الشفتان اللتان تحملان أجمل إبتسامة .. العينان العسليتان ذات الرموش الطويلة .. وثدييها الناهدان وذراعيها البضتين وخصرها النحيف وقدها المياس .. كانت ترفع ذراعيها فوق رأسها .. كم هى جميلة
وقف مرة أخرى .. وتحرك خطوة نحوها .. حدثها وسألها : كيف أتيت؟؟ إننى لست أحلم .. أليس كذلك ؟؟ .. أنت حقيقة .. اليس كذلك ؟؟ أستطيع أن ألمسك ؟؟ لماذا لا تتكلمين ؟؟ إنك أنت .. وأنا أنا .. إننى سعيد لرؤياك .. صحيح إنى رجل علم .. لا أؤمن بالخرافات .. وأن تتحول الصورة الى جسد يتجسد فى الواقع .. وأن ما يحدث هذا .. لحظة من فضلك .. إننى لست سكراناً .. لماذا لا تتكلمين ؟؟
عامة .. أنا سعيد لرؤياك .. سعيد جداً .. أنت تعلمين مدى حبى وشوقى لك ؟؟ هيا تعالى بين أحضانى .. ووضع الكأس على المائدة وأطفأ السيجارة .. وتوجه إليها فاتحاً ذراعيه .. خطوه .. والثانية .. ثم توقف وتراجع .. فقد بدأت تتكلم .
كانت جميلة .. لكنه لم يستطع أن يحدد إنفعالات وجهها .. هل هى سعيدة ؟؟ غاضبة ؟؟ تحبة ؟؟ تكرهه؟؟ لا يعلم .. صب لنفسه كأساً وراح يرتشفها وأشعل سيجارة .. إنها تتكلم .. ولا يفهم شيئاً
نظر إليها .. فإذا بوجهها يتغير وجسدها يتبدل .. فهالات تظهر حول عينيها وتجاعيد وخطوط تتكاثرعلى خدودها وعلى الرقبة ويتهدل الثديان ويتحول الشعر الى الأبيض الفضى .. كل هذه التحولات تتم أمام عينيه وهى تتكلم .. ولا يفهم .. وكيف يفهم وهى تتحدث بسرعة مرور سنوات العمر فى هذه الفترة الوجيزة .. كان ما زال بالقرب منها .. لا تبعده عن هذه التغيرات سوى خطوة واحدة .. وقف أمامها مشدوهاً وكانت ما زالت تتكلم .. ماذا يحدث بحق السماء .. وماذا تقول له ؟؟ هل تعاتبه ؟؟ هل تلومه ؟؟ هل هى حقيقة ؟؟ هل هو تحت تأثير الشراب .. إنه حقا يشرب حتى ينسى نفسه وهموم غربته .. وينام لينسى سنوات العمر التى تذوب بسرعة أو كخيط من الحرير ينساب بسرعة من بين أصابعه المرتعشة على كأسه الفارغة ..
إستدار ليعيد الكأس الى مكانها فوق الطاولة الصغيرة بجانب سريره المنكوش .. أو ليملأها ؟؟ وكانت تفصله خطوة واحدة عن زوجته .. وخطوة أخرى عن الطاولة الصغيرة
وخيل اليه أنه سمع شيئاً وحيدا ً قد فهمه .. كان الصوت يقول .. أن هناك شيئاً ما خطأ فى هذه الحياة ؟؟
إلتفت خلفه الى مصدر الصوت .. فلم يجد شيئاً .. حتى زوجته .. تلفت فى أرجاء الغرفة المنكوشة .. فلم يجد شيئاً
جلس على حافة سريره المنكوش .. وبدأ يفرغ محتويات الزجاجة فى كأسه .. وهو يقلب البوم الصور ..
وفجأة .. وجد صورة زوجته .. فى مكانها مرة أخرى .. من البوم الصور !!!

No comments:

My Drawings

The Best Favorite Videos

Some channels

Love for all

New visitors bloglog