(2) قصة قصيرة - بلا قيود

بلا قيود ؟؟؟

2

إنتهى من حزم حقائبه فى هدوء .. وجلس وأشعل سيجارة .. يسحب دخانها بعصبية بـأ لرغم من هدؤه الظاهرى ..مما يعكس ما بداخله من صراعات كانت سبباً فى قراره الأخير
نعم كنت اُحبك .. قالها وهو ينظر إليها .. على المقعد المواجه له ..
وتابع كلامه قائلا : ولكن حبى لك قد إختنق ؟؟ لفظ أنفاسه بسبب عدم مبالاتك .. ألم أقل لك كثيراً أن الحب مثل الزهرة .. إذا لم تسقى ذبلت وسقطت عن سوقها
قالت .. بهدوء مصطنع : أنك تتحدث كما لو كنت أنا المسؤلة عن خنق هذا الحب ؟؟
قال .. مقاطعا : أنا أو أنت .. ليس هذا موضوعا مطروحاً للمناقشة الآن .. ولكن تكفينا الحقيقة أن الحب قد إختنق .. وأن هذا هو السبب المباشر لإتخاذى قرارألإنفصا ل
قاطعته صارخة : أنا لا يهمنى قرارك .. فلتفعل ما تريد .. ولكن لا تتهمنى بأننى السبب .. أو إنه كان هناك أى تقصير منى لك
ترقرقت الدموع فى عينيها وهى تقول : أننى أفنيت شبابى وعمرى كله فى خدمتك أنت وأولادك .. طوال ساعات النهار من كل يوم وأنا مطحونة بين خدمة البيت والإشراف على دراسة الأولاد .. ثم رعايتك أيضاً حتى ولو كنت مريضة .. وأنا أعلم أن مرضى لا يمثل لك شيئاً .. أنام منهكة القوى .. وأنت لا تدرى شيئاً .. إنك هكذا دوماً .. لم تشاركنى المسؤلية يوماً .. ألقيت بكل الأعباء على كاهلى .. والآن تتحدث عن اللا مبالاة والإهمال .. أى لا مبالاة وأى إهمال
انخرطت فى موجة من البكاء .. نظر إليها حتى إنتهت من البكاء ..
قال بهدوء : أنا لم أكن أرغب لهذا الحوار أن يبدأ .. أنى فقط أردت أن اُودعك قبل أن أذهب .. ولكن وقد ذكرتى كل معاناتك ومتاعبك .. وهى المشجب الذى تعلق عليه الزوجات تبرير إهمالهن لأزواجهن .. فأنا اُقول بأنك .. مثل كثيرات .. سمعت بأن ما يقيد الزوج هو كثرة الإنجاب .. فأصبح يحيط بك خمسة أطفال .. إمتصوا كل مجهودك وإستتزفوا طاقتك فى رعايتهم وتربيتهم .. إنك اُم ناجحة .. أنا اُقر بذلك
وسمعت من الأمثال أن تنزعى الريش لطائرك لتحافظى علية .. فأمسكت بألمقص وكان التبرير هو زيادة تكاليف المعيشة يوما بعد يوم
وسمعت بأن الطريق إلى قلب الرجل يمر بألمعدة .. فتكورت بطن الزوج وأصبح ذو كرش عظيم ؟؟
قالت .. مقاطعة : هكذا أنتم الرجال .. لا يرضيكم أى شىء .. فإذا لم تهتم الزوجة بألغذاء .. قال إنها مهملة .. وإذا إهتمت بغذائه .. قال أنه أصبح ذا كرش عظيم .. يالك من إنسان غريب .. أنى لا أعرف ما يرضيك .. وماذا تريد ؟؟
قال بهدوء ( وقد أشعل سيجارته الثانية) : كنت اُريدك أنت .. اُريد حبك وحنانك ؟؟
قالت فى تحد : ومتى لم أمنحك حبى وحنانى ؟؟ لماذا تتلاعب بألألفاظ ..هل لأنى لم اُوافقك على بعض نزواتك ؟؟
وثار الزوج وإرتفع صوته .. وكأنها قد فجرت فيه لغماً .. كان يحاول أن يتجنبه .. وسقطت السيجارة من بين أصابعه وهو يقول : عن أى نزوات تتحدثين ؟؟ أن يطلب الزوج من زوجته أن ترقص له ولو عارية .. ليس هذا نزوات .. أن يمارس الحب مع زوجته مع إضائة الغرفة ليرى جسدها العارى .. ليس نزوات .. إن كل رموز العاطفة ليست نزوات .. فإما أن تكون نابعة من رغبات مشتركة فى العطاء .. أو لا تكون .. إن العاطفة مرآة صادقة عن المشاعر فإذا طغت روتينية الحياة إختنق الحب
قالت متسائله : هل الزوجة فى نظرك مجرد جسد ؟؟ وهل هذا هو الزواج السعيد من وجهة نظرك ؟؟
قال : أبداُ .. أنا لم أقل هذا .. إن الزواج السعيد هو رباط بألحب الصادق يجمع بين الزوج والزوجة فترفرف السعادة كل جوانب الحياة
قالت : أنى ما زلت أشعر وكأنك تضع جسد المرأة فى كفة ميزان .. وتضع فى الكفة الأخرى كل جوانب الحياة
قال : نعم تشبيه يكاد أن يقترب من المعنى .. وإن كنت أضع فى كفة الميزان ليس جسد المرأة تحديداً بقدر ما أريد أن أضع عاطفة الحب الصادق بكل ما تشمل من معان المودة والرحمة فأذا ثقلت هذه الكفة .. خفت معها كفة مشاكل الحياة .. وذلك نتيجة المشاركة فى حلها بكل الحب والمودة .. والعكس صحيح إذا ثقلت كفة مشاكل الحياة وخفت معها كفة مشاعر الحب والمودة .. لتحولت الحياة داخل الأسرة إلى حياه ملؤها الروتين .. يصحبها فتور فى المشاعر وعدم رغبة فى المشاركة لحل المشاكل .. فتزداد تعقيداً .. وهنا تموت السعادة وتزداد الخلافات وتنفرج الزاويه لتتسع الهوة بين الطرفين .. ليختنق الحب .. وتنفصم عرى الرابطة الزوجية
نظر إلى ساعته وإنتفض واقفاً .. وحمل حقائبة متجهاً إلى الباب .. ونظر خلفه ليلقى نظرة أخيرة على مقعده الشاغر .. ثم تسللت نظراته إلى الصورة الموضوعة على المقعد المقابل .. صورة زوجته .. منى .. التى كانت قد غادرت المنزل منذ أكثر من شهر
وضع الحقائب على الأرض بجانب الباب .. وتوجه إلى الصورة .. رفعها بين يديه .. قبلها ..
فتح إحدى حقائبه .. ووضع الصورة بداخلها .. ثم حمل الحقائب وتوجه إلى الباب الخارجى .. ثم توقف مرة أخرى ليخرج منديلا من جيبه ليجفف الدموع وقد حفرت طريقها على خديه