Saturday 21 June 2008

الرماد - الفصل الثالث

الفصل الثالث : قلوب تخفق بالحب

فتح أحمد عينيه وأخذ يديرهما فى الظلام ونهض مسرعا وأضاء الغرفة .. نظر الى ساعة يده أنها تشير الى السادسة والنصف .. ياللهول لقد تأخر عن موعد حبيبته .. إرتدى ملابسه على عجل .. ولم يضع وقتا فى تصفيف شعره .. وفى دقائق قليلة كان يسير بجانبها وقد إرتسمت إبتسامة عريضة على وجهه .. قال معتذراً : أرجو ألا تكونى قد غضبتى من تأخرى اليوم .. فقد عدت من الكلية متعباً ورحت فى نوم عميق لم أفق منة إلا الآن .. وبإبتسامة كلها صفاء أجابت : أنى لم ولن أغضب منك أبداً ياحبيبى .. وأخذت كلماتها العذبة فى حفر مجراها فى قلبه كما تحفر المياه فى مجرى النهر وهى فى طريقها من المنبع الى المصب .. كانا قى هذة الأثناء قد وصلا الى الكازينو المطل على النيل .. فجلست نادية على مقعدها المعتاد وجلس أحمد بجانبها وقد رقدت يدها الصغيرة الناعمة بين يدية .. يدفئهما بحنان الحب .. وحرارة الشوق .. ونظر أحمد الى عينيها يتأملهما بإمعان .. أن شعلة الحب الحقيقى مازالت تتقد فى عينيها ببريق أشبه ببريق النجوم .. إنه بريق الحب .. ولاحظت نادية نظراته الملتهبة وشرود ذهنه فهمست به : فيما تفكر ياحبيبى ؟؟
إنساب الصوت من بين شفتيها كما تنساب الأنغام من أوتار الكمان .. فأيقظته من حلمه الذى إستغرق فيه .. أجاب أحمد وهو ما زال يتأملها بنظراتة الحالمة : أنى لا أفكر فى شىء سواك .. أنت يامن ملكت قلبى فكان لك القلب كله .. وملكت عقلى فكان فيك التفكير كله .. ضحكت نادية قائله : هذا كلام كتب وروايات
تابع كلامه وفى عينية نظرات حب جارف : نادية .. أن ما ينطق به لسانى ليس من وحى الكتب والروايات .. بل هو إحساس نابع من أعماق قلبى ..وأنت تعلمين هذا.. أنى أعبدك يانادية .. أن تفكيرى فيك مستمراً طوال يومى .. وأنى لا أريد أن أمنع نفسى من تلك المتعه .. أنى أفكر فى اليوم الذى سنتزوج فيه ويحتوينا منزل واحد .. نعيش معاً تحت سقف واحد .. نأكل من طبق واحد .. ونشرب من كوب واحد .. أنك أمام عينى دائماً .. صوتك يرن فى اذنى دوماً .. أن شريطا سينمائياً يمر أمام عينى وقد سجل عليه أحداث حبنا ومقابلاتنا .. وهكذا أهيم فى عالم آخر فى صحراء المجهول ..عند منحنى الفضاء خلف السماء البعيدة .. هناك أهيم كما يهيم التائه فى الصحراء بحثاً عن الماء أو المأوى .. ولكنى ابحث عن شىء آخر .. عن حبنا .. أنك تملكت كل مشاعرى فكان لك المكانة الأولى والأخيرة .. أنى أفكر فيك فى كل وقت .. وذهبت الإبتسامة العريضة من وجه نادية وحلت محلها نظرة الحب الحالمة وهى تتابع حديث حبيبها العذب .. كانت تنظر اليه والى ملامح وجهه التى تعبر عن صدق كلماته .. وهاهى ترى العاطفة تشتعل من نظرات عينيه .. كانت لا تشك أن تلك النار تشب من قلبه .. أنها تعبده هى الأخرى وحبها لة شديد مملوء بالإخلاص والوفاء .. أنه حب يفوق كل حب عرفه البشر .. هكذا هو إحساسها .. وهى تنظر الية وتزيح بشعرها للخلف وقد أثار الريح خصلاته فأخذت تتراقص وتتماوج أمام عينيها
وتحدثت نادية .. بكلمات ناعمة وفى صوتها نغمة قيثارة .. : أنى على يقين من مقدار حبك لى يا أحمد .. وأن شعورى نحوك هو نفس شعورك نحوى .. أننى أحبك .. وسأحبك الى الأبد والى النهاية
ويكمل أحمد : والنهاية طبعاً ستكون بزواجنا .. ثم يخفض من صوته وقد تسلل ألى رأسه شعاع المستقبل فيتمتم : ولكنى رغم ذلك أجدنى خائفاً على مستقبل حبنا .. ماذا يحدث لو تقدم لك فى هذه الأثناء شخص ما ؟؟ هل ستوافقين ؟؟
فترد نادية بسرعة : لا .. لا .. لا تقل هذا الكلام يا أحمد .. لا يوجد أى شخص فى دنيتى غيرك أنت وحدك .. أنى لن أقبل أى شخص يتقدم لى غيرك .. مهما كانت الظلروف .. وإذا لزم الأمر أن أتحدى القدر .. نعم سأقف فى وجه القدر .. لنحقق غايتنا .. وحلم حبنا .. أن الحب يصنع المستحيل .. ويقف فى وجه القدر الباطش ..
أنها تعرف أن القدر يبطش أحياناً .. ولكنها ما كانت تخافه .. أو تخاف بطشه ..
تنظر الى مجرى النيل الهادىء وموجاته التى تتضارب فى لطف فيزيح بعضها البعض . ثم سرعان ما ترتد تحت تأثير يد النسيم الحانية وهى تداعبها .. هذه المياه الصافية .. هذا الهواء النقى .. تلك النجوم البعيدة .. هذه السماء الزرقاء ..هذا القمر الجميل كل هذا.. أنها الطبيعة الخلابة .. أنها تود لو توقف الزمن عند هذه اللحظة ولكن هاهى ساعة الزمان تدور .. وتتحدى ..وتشير عقاربها الى موعد إنصرافهم .. فيغادران الكازينو .. يسيران جنباً الى جنب .. بجانب النيل القابع تحت الشارع الطويل الذى طالما شاهد مقابلاتهم ..
وعادت نادية .. تحمل فى قلبها حب كبير .. يزداد وينمو ويزدهر يوماً بعد يوم .. حب لا تزعزعه رياح الأيام أو أعاصير الزمان ..

No comments:

My Drawings

The Best Favorite Videos

Some channels

Love for all

New visitors bloglog