Saturday 28 June 2008

الرماد - الفصل العاشر

الفصل العاشر : من يدفع الثمن ؟؟؟
عادت نادية اخيراً الى منزل أسرتها المتواضع بعد تلك الفترة الطويلة التى قضتها بعيداً عنه .. ولم تكن نادية أخبرت والدتها شيئاً عن مرض زوجها ..ولم تكن الأم تعلم شيئاً أيضاً عن الطفل الذى أنجبته إبنتها .. نظراً لفترة الغياب التى أمضتها نادية فى العزبة .. وعدم ترددها على منزل والدتها منذ عودتها .. ولذا فقد فوجئت الأم عند رؤيتها للطفل فأخبرتها نادية بأنه إبنها من زوجها ..وأنها انجبته عندما كانت فى العزبة ..وسألت الأم إبنتها : ما الذى أتى بك فى هذا الوقت المتأخر من الليل ؟؟ ..فردت نادية : لقد حدث نزاع بينى وبين زوجى وقد قررت أن أبتعد عنه ..لقد مللت هذه الحياة .. وطلبت منه الطلاق ..وإنتفضت الأم فى دهشة .. : ماذا .. ماذا تقولين ؟؟ فتابعت نادية الكلام : نعم .. طلبت الطلاق .. ولا أريد منه شىء .. أننى سأعمل كى أعول نفسى وإبنى ..ولن أعود إليه مرة أُخرى .. أنها غلطتكم أنتم .. ولقد حصلتم على الثمن ..فلتتركونى وشأنى .. ولم تستطع الأم أن تناقشها .. وتمتمت الأم : وماذا سيفعل أسعد .. أهل سيستمر فى الذهاب للعمل عند زوجك ؟؟ فردت نادية : من الأفضل ألا يذهب .. لأنه لم يلحقه بالعمل إلا مرضاة لى .. ونظرت اليها الأم فى دهشة .. ولكن نادية كانت تفكر فى شىء آخر ..
وقابلت أحمد مرة أُخرى ..وقالت بصوتها العذب : مبروك ياأحمد .. لقد علمت بنجاحك هذا العام .. لقد فرحت لك كثيرا .. وكذلك عندما علمت بأنك ستعمل فى إحدى شركات البترول .. ورد أحمد عليها محاولا تصنع الإبتسام : الله يبارك فيك ..لقد أخبرتنى أنك تريدين منى طلبا ً فما هو ؟؟ وبصوت ضعيف أخذت تسرد قصتها عليه .. لقد تركت زوجها .. وهى تعيش مع والدتها .. وطلبت منه أن يحقق وعده لها بالزواج ليعيش إبنهما بينهما فى سعادة وسرور .. وينمو فى حضن أبيه وأمه ..
وتدور ألأفكار فى رأسه حول محور الخطيئة ..وأنها خانت زوجها .. وربما تتكرر الخيانة معه أيضاً .. فبدأ يتكلم وفى نبرات صوته قسوة .. وتعلق قلبها وعيناها بشفتيه وقد عقدت الآمال على الحروف القليلة التى ستفلت من بين شفتيه ودق قلبها بشدة وهى تستمع الية : يانادية .. أنك تعلمين بأنى حصلت على وظيفتى منذ عهد قريب .. وليس فى إستطاعتى فى الوقت الحاضر أن أُفكر فى الزواج ..
وكأنما وضعت الآمال على قمة جبل شديد الإنحدار ..فسرعان ما تساقطت على أرض الواقع الشديد القسوة .. وطأطأت رأسها فى زلة .. وقد ملئها الحزن .. وتجمد اللعاب فى حلقها فشعرت بجفاف شديد فما إستطاعت أن تتكلم مرة أُخرى ..ولم يحاول هو الآخر أن يتكلم أكثر .. ومرت الأيام بطيئة مثقلة بألهموم ..
وفى مساء يوم .. إنقبض قلبها بشدة وشعرت بإختناق شديد .. فخرجت .. وأخذت تنقلها قدماها على غير هدى .. أخذت تسير وتسير ..وهى لا تفكر فى شىء مطلقاً .. كانت ساهمة الفكر .. زائغة النظرات .. ومن بعيد كان شبح النهر يتراءى لها .. وإقتربت أكثر وأكثر .. وجلست أمام النهر على مقعد من الرخام .. وأخذت الأنوار تتراقص أمام عينها .. حمراء وخضراء .. تطفأ .. وتضاء ..وتاهت فى دوامة من الأفكار اليائسة ..فقررت أن تستريح .. لماذا لا تلقى بنفسها فى الماء وتستريح من عذابها ؟؟ وتلحق بأختها التى إختفت منذ سنوات .. وتساقطت الدموع من عينيها وهى تتذكر حادث إختفاء أختها منى .. لقد قتلت عادل وهربت .. لا بد أنه إعتدى عليها فقتلته .. وربما إنتحرت بعد ذلك ..ربما ألقت بنفسها فى هذه المياه المترامية .. والآن هاهى المأساة تتكرر ..ولكنها لم تقتل .. لأنها تحب ..أنها تحبه .. أخذت تتمتم بهذه الكلمات بصوت ضعيف .. وإقتربت منها سيدة فى الأربعين من عمرها ..ورأت الدموع فى عينيها ..وسمعتها وهى تتكلم .. فجلست بجانبها وحيتها فردت نادية التحية بإبتسامة خفيفة حاولت أن تمسح فيها دموعها ..,سألتها السيدة : لماذا تبكين أيتها الصغيرة ؟؟
وجدت نادية فى المرأة صدراً حنونا .. أو هكذا كانت هى تبحث عن صدر يحتويها .. فأخذت تحدثها عن حبها .. حتى أباحت لها أيضا برغبتها فى الإنتحار .. وهنا طلبت منها السيدة أن يتوجها الى المنزل ليتحدثا بعيداً عن نظرات المارة المتسائلة ..ونهضت نادية وتأبطت ذراع المرأة .. ووصلا الى المنزل المكون من طابقين .. فصعدا الى الطانق العلوى .. وهناك شاهدت نادية ممراً طويلا .. تصطف حجرات مرقمة على جانبيه ..وإعتقدت نادية أن المنزل عبارة عن فندق .. ولكن إعتقادها ذاب سريعا عندما فتح باب غرفة فى منتصف الممر .. وإستدارت نادية لتلمح .. فتاة عارية .. لا يغطى جسدها سوى منشفة قصيرة تحيطها حول خصرها .. وتوقفت ناديه .. ولمحت شيئاً فى الفتاة .. وإستدارت الفتاة .. لترى أُختها نادية أمامها .. وكانت مفاجأة .. وتجمدت الفتاة فى مكانها .. وصرخت نادية بها : منى .. هل أنتى ... وتعثرت الكلمات وقد أفاقت نادية من وقع المفاجأة لتسألها : لماذا تقفين عارية هكذا ؟؟؟
أندفعت منى الى نادية وإحتوتها بين ذراعيها وهى تبكى بشدة .. وكانت السيدة العجوز ما زالت مندهشة مما حدث .. ومر وقت قصير ..لم يسمع خلاله سوى صوت فتاتين تجهشان بالبكاء ..وجاء صوت السيدة متسائلا : أهل تعرفين منى ياتادية ؟؟ وردت نادية : إنها أُختى .. ونظرت السيدة الى منى وقالت : إذهبى وإرتدى ملابسك .. وأحضرى لنجلس سوياً ..وإرتدت منى ملابسها وحضرت مسرعة .. وطلبت من نادية أن يخرجا قليلا ثم يعودان .. وخرجت الأُختان .. وبدأت منى الحديث متسائلة : ما الذى أتى بك الى هنا ؟؟
وقصت نادية الموضوع بأكمله على أُختها ..وسألتها نادية : لماذا كنت عارية بهذا المنزل .. وما الذى حدث لك ؟؟
وأجابت منى : أننى كنت أبيع جسدى .. لمن يرغب فيه .. أنه الطريق الوحيد الذى وجدته أمامى عندما تعثرت ..لقد كنت على وشك الإنتحار .. لكن القدر أرسل لى هذه السيدة كى أعيش وأتعذب ..وأحيا وأتألم ..وأبيع جسدى لمن يدفع الثمن ..
وبكت الأختان ..وأخذت كلا منهما تروى تفاصيل قصتها للأُخرى .. وتعجبت منى من أن القصتان متشابهتان .. ولكنها ما كانت تعتقد أن أحمد الذى كان يحب نادية ويعبدها يقف منها الآن موقف الذئب ..
وتمتمت : هذا غير معقول .. إن أحمد يحبك ,, ولا شك فى ذلك .. وردت نادية : هكذا هم الرجال .. يلفظون السيجارة من فمهم متى إستمتعوا بدخانها وإستراحت أعصابهم ..
فردت منى : لا أعتقد أن أحمد مثل هؤلاء
وطلبت نادية من منى أن تترك هذا المنزل لتعود معها الى منزلهم .. ولكن منى رفضت أن تعود قائلة : إننى لم أعد منى التى تعرفينها .. إن منى الحقيقية قد ماتت منذ سنوات ..

No comments:

My Drawings

The Best Favorite Videos

Some channels

Love for all

New visitors bloglog