Thursday 26 June 2008

الرماد - الفصل الثامن

الفصل الثامن : الندم
ومرت الأيام .. وعادت نادية الى القاهرة الى منزل زوجها .. والى حبيبها أحمد .. وكانت المفاجأة التى لم تتوقعها هى عدم نجاح أحمد هذا العام .. وما هذا الفتور الذى قد ظهر واضحا فى كلامه معها .. وحاولت دعوته لمقابلة ..ولكنه رفض دعوتها .. ثم إستجاب مع إصرارها ..نظرات غريبة لاحظتها فى عينيه وهى تسأله : ما بك ياأحمد .. وما هذا الفتور فى كلماتك .. أهل نسيت حبنا ؟؟ ما بك ؟؟ لم لا تتكلم ؟؟ لم يطرأ تغير على نظراته أو ملامح وجهه القاسية التى لم تعهدها فيه .. ورد بصوت يصحبه حشرجة : بإذن الله سوف أذاكر جيدا فى العام القادم ..وردت نادية : أنى أستطيع أن أنتظرك عام أو أكثر ..لكنى أريد أن أراك سعيداً ..مبتسماً كعادتك دائماً .. فأجابها وقد رسم إبتسامة بدت صفراء على شفتيه : سأكون هكذا ..
عادت نادية الى منزلها حزينة أنها كانت تتمنى لقاء سعيداً معه ولكنها كانت مخطئة فى توقعاتها ..وأخذتها الحيرة .. وإزداد قلقها ..وإضطرابها ..لا تعرف ماذا تفعل ..تتطلع الى الماضى تستلهم منه الذكريات الجميلة وتستمد منه الصبر والسلوى .. وتنظر الى الحاضر فيتشتت تفكيرها .. أهل سيحقق أحمد وعده بالزواج منها ويبنى لها ولإبنه عشاً دافئاً يجمعهما سوياً ويحقق أحلامها ؟؟
قطع عليها أفكارها وصول زوجها فلاحظ شرودها وسألها : ما بك يانادية ؟؟ فأجابت : لا شىء .. فقظ كنت أفكر فى أخى أسعد .. فسألها : وما به أسعد ؟؟ .. قالت .. أريد منك أن تلحقه بالعمل فى إحدى شركاتك .. فقد رسب هذا العام أيضاً .. أنه لا يميل للمذاكرة ..فهذا العام الثالث له وهو يرسب فى الإمتحان ..وإبتسم الزوج قائلا : هل هذا ما جعلك فى هذه الحالة من التفكير والحزن .. أننى سأحقق لك طلبك .. عليك الأمر وعلى الطاعة .. فلا تحزنى .. أنك إنتشلتينى من أحزانى ورسوت بى على شاطىء السعادة .. أنك أيقظت الأمل وجعلتينى أعيش فى دنيا الحب .. بعد أن حرمت منها عمراً طويلا .. ولذلك سأحقق لك كل ما ترغبين فيه ..سأمنحك حياتى .. وإقترب منها وأخذ يقبلها فى وجنتيها .. وشعرت لأول مرة بالحب لهذا الكهل ..وشعرت وهى تنظر اليه بأنه قريب .. وقريب جداً من قلبها .. ولما حدقت فى عينيه أحست وكأنها تسير معه فى رحلة طويلة فى محاولة البحث عن نفسها التائهة ..وراحت تشبع نظراتها من عينيه ..وهو صامت .. ينظر إليها وكأنه يتسائل : لماذا سلكت طريق الخطيئة ؟؟ كانت تتأمله بكل نظراتها وكأنها تعرفه من زمن بعيد .. لقد أوحى لها بالطمأنينة ..لذلك إسترخت على المقعد وكأنها إستراحت بعد رحلة طويلة وعرة بين دروب الجبال .. أنها لم تفكر فيه من قبل .. أما الليلة .. فوجدت نفسها مندفعة اليه رغما عن إرادتها ..
وقررت أن تنسى أحمد ..وخطيئتها .. وشعرت بأنها نظيفة أكثر من أى وقت مضى .. وأنها تميل الى هذا العجوز ..لقد ملاْ كيانها .. وتسلل الى صدرها ليستقر بداخل قلبها .. وشعرت وهى تتأمل وجهه على ضوء الشمعة الناعسة بأنه حياتها النظيفة ..وأنه الأمل الأكبر الذى سينقذها من الوحدة .. شعرت بخفقات الحب تسرى فى كيانها .. لم تصدق نفسها .. وشدت على يده .. وأقتربت بثغرها منه .. وقالت : أنى أعاهدك .. لم تعرف كيف نطقت بها .. ولكن قلبها هو الذى نطق بها .. ولم يدعها تكمل عبارتها .. رأت فى عينيه حباً عميقاً.. ضمها الى صدره ..وصهرها بكيانه .. وشعرت أنها إمرأة لها قلب .. التقت معه فى قبلة لم تذق فى حياتها أطيب منها وأعذب ..قررت إسدال الستار على الماضى ..لتعيش فى كنف رجل واحد .. تحبه .. وتخلص له وحده ..نعم ..قررت أن تنسى حبها لأحمد ..وتنسى أحمد نفسه ..فلقد مات الحب فى صدره ولم يبق من أثر له غير الذكريات .. لقد مات حبه منذ أن تزوجت .. لقد مات حب أحمد ولكن حبها له لم يمت .. مات حبه منذ أن شعر أو تخيل أنها لم تعد ملكه بل صارت ملك زوجها .. ولم يمت حبها له .. وهكذا الرجال يحبون المرأة ليمتلكونها .. أما المرأة فإنها تحب الرجل لتكون مملوكة منه .. حتى ولو كان يملك أربع نساء فى وقت واحد .. وقررت أن تسدل الستار على الماضى .. وتنصرف الى بناء حياة جديدة سعيدة لها ولزوجها .. فلقد أسدل أحمد الستار أولا .. وعادت بذاكرتها الى الماضى عندما إكتشفت أنه مبهور بجمالها الى حد الذهول ..أنه ينظر اليها وكانه ينظر الى شىء غير عادى .. ويحدق فى عينيها وكأنها تسيطران عليه وتأمرانه بأن ينام .. ويصحو ..ويتكلم بطريقة مغناطيسية ..وتذكرت المقابلات التى كان يحدثها فيها عن حبه وعن إعجابه بشخصيتها .. أنها تذكر اليوم الذى سألته فيه عن المرأء إذا ذلت قدمها ؟؟ وتتذكر كل كلمة قالها .. لقد قال لها فى هذا اليوم .. أنه لا يلوم المرأة على شىء .. لأنه رجل منصف .. يؤمن بأن ما من إمرأة زلت بها القدم إلا وكان وراء زلتها رجل ظالم .. وقدر غادر .. وظرف قاهر .. أن كل فتاة تحلم بالحب والزواج ممن تحب والحياة الهانئة السعيدة .. ولا يمكن أن تحلم بألزلل والعثار والإنتقال من رجل الى آخر .. فإذ اما قدر لها أن تزل وتتعثر .. فإن الذنب لا يكون ذنبها أبداً ..بل ذنب الرجل الذى دفعها الى الهاوية والى الزلل ..هذا ما كان يقوله .. ولقد تأثرت بكلماته ..وأعجبت به وبمنطقه ونظرته الإنسانية الى المرأة .. ولكن أين هى تلك النظرة الآن ..لقد أصبح هو الرجل الظالم .. والقدر الغادر ..والظرف القاهر ..أن الذنب ذنبه هو .. ألم يقل هذا ؟؟.. أنه الحاكم .. والمتهم فى نفس الوقت ..كان أولى به أن يحاكم نفسه أولا قبل أن يحاكمها .. لقد روى ظمئه .. إذن ما شأنه بالزجاجة الفارغة ..لقد القاها جانباً ليفكر فى زجاجة أخرى لم يفتح غطائها بعد ..وهكذا هو الرجل .. لا يرضى لإمرأة بمثل ما يرضى به لنفسه .. يندفع معها الى الهاوية .. ثم سرعان ما يتوقف ليتركها تسقط وحدها فى الهاوية .. يرتكب معها الخطيئة ثم يمسك بالسيف ليحاسبها على خطيئتها
فكرت نادية فى هذا كله .. ولكنها ما عاتبته .. فحبها له ما زال قوياً .. ولكنها قررت فقط أن تنسى أو تتناسى حبه .. لتسعد الرجل الذى وهبها عطفه وحبه وحنانه .

No comments:

My Drawings

The Best Favorite Videos

Some channels

Love for all

New visitors bloglog