Friday 27 June 2008

الرماد - الفصل التاسع

الفصل التاسع : الستار يرتفع
لكن السماء لم تغفر لها خطيئتها ..لم تستطع سعدية أن تكتم السر طويلا على زوجها .. فأخبرته بكل شىء عن نادية ..ولم يرضى زوج سعدية على ذلك فقرر أن يخبر زوج نادية بأمر هذا الطفل .. فحاولت سعدية إثنائه عن ذلك بأن أخبرته بأن نادية ترسل لها كل شهر مبلغاً من المال لمساعدتها وكذلك تكاليف تربية الطفل .. ولكن هذا أيضاً لم يثنى الزوج عن عزمه .. وحانت الفرصة عندما ذهب زوج نادية الى المزرعة كى يرعى شؤنها .. فرأى حمدان مقبل عليه وبين يديه طفل صغير .. ودهش الزوج .. لماذا ترك حمدان العمل وأتى فى هذا الوقت .. ولماذا يحمل الطفل معه .. وإعتقد أن حمدان ربما أتى لطلب بعض النقود فربما إبنه مريض .. ولكنه سرعان ما أبعد هذا الإعتقاد عن رأسه عندما رأى الطفل يبتسم فى صفاء فتنفرج شفتاه عن أسنان صغيرة بيضاء وكأنها قطع من اللؤلؤ .. وبادر حمدان بالكلام قائلا : أنى جئت اليك لأقص عليك حديثاً .. قد يعود عليك بالنفع ..فقال الزوج وقد إرتفع حاجباه فى دهشة : ماذا ؟؟ تكلم .. قل ما تريد ..وجمع حمدان شتات فكره ليتكلم ولكن الكلمات تعثرت على شفتيه .. وإستعاد حمدان رباطة جأشه ونظر الى صاحب العزبة قائلا :عندما حضرت زوجتك فى المرة الأخيرة أنجبت هذا الطفل.. وطلبت من زوجتى سعديه أن تقوم برعايته نظير مبلغ من المال .. ولاحظ حمدان وهو يتأمل الزوج ..ما طرأعلى ملامحه من تغيرات كثيرة وما ظهر عليه من إضطراب .. وتابع حديثه : أنى أعلم بأنك فى أشد الدهشة من كلامى ولكنى سأخبرك بكل ما عرفته ..أنى علمت بأنك لم تقرب زوجتك ..وأنها كانت تحب شاباً آخر قبل أن تتزوجا .. وأن علاقتهما إستمرت وجائت ثمرتها بهذا الطفل ..لم أكن أعرف سوى أنه طفل لقيط وجدته سعدية على قارعة الطريق فإنتشلته عندما رق قلبها له .. ولقد رق قلبى أنا الآخر للطفل عندما شاهدته .. ولكنى عندما عرفت الحقيقة قررت أن أخبرك بكل شىء ..
ولمعت عينا الزوج .. وحلت نظرة الغضب محل نظرات الدهشة والإستغراب ..ونظر الى الطفل الصغير .. ثم الى حمدان وقال : أنى أشكرك على أنك قد أخبرتنى بالحقيقة .. التى لولاك لإستمرت هذه المرأة فى خداعى ..أحضر الشنط لأنى سأعود للقاهرة اليوم
أخذت العربة تنهب الطريق نهباً .. مندفعة بأقصى سرعتها ..وأخذت رأسه تدور ..وبدا له الطريق أمامه بحر طويل .. لا نهاية له .. وأنه مندفع بعربته سابحاً على صفحته ..وهيأ له بأن أعمدة النور من خلفه أشباح تطارده ..وأعمدة النور من أمامه .. شياطين تترصد خطاه ..لتنقض عليه فى اللحظة المناسبة .. ودارت العجلات بسرعة أكبر ودارت أفكاره فى شتى الإتجاهات .. ونظر الى الطفل الراقد بجانبه .. أنه ثمرة الخطيئة .. أيلقى به على قارعة الطريق ؟؟ كان يجب أن يعرف بأن زوجته ستسلك هذا الطريق .. فأين هو منها ؟؟ أنه رجل كهل ..مريض ..أنه لم يعطها حقها كإمرأة تعيش معه .. كان يريد أن يقترب منها بقلبه ..ويحيط قلبها بيديه .. ويضمه الى صدره .. ليحيا فى سعادة وهناء ..
ولكن الفارق الكبير فى العمر جعل أيضاً من الصعب عليها أن تقترب بقلبها منه لتعيش معه فى سعادة أخرى بعيداً عن ملذات الجسد .. فهى فى سن الشباب .. وتلك النيران التى تشتعل فى هذا الجسد كيف تستطيع أن تخمدها مع هذا العجوز ؟؟ ودارت كل هذه الأفكار براسه فأخذ يتمتم بدون وعى وقد إغرورقت عيناه بالدموع :أنها غلطتى أنا ..لماذا أتزوج بفتاة صغيرة تشتعل ثورة وشباباً .. وأحرمها من نعيم حياتها الجسدية .. كان يجب ألا اقدم على هذا .. أو كان يجب أن أخبرها بحقيقتى وضعفى ولها أن تختار وتقرر .. نعم أنها غلطتى أنا ..ولكن هذا لا يمنع من أنها أخطأت ..ولقد تحملت نتيجة غلطتى .. ويجب عليها أن تتحمل نتيجة خطيئتها ..
وصل الى باب المنزل وصعد فوراً الى الطابق العلوى حيث توجد غرفة النوم ؟؟ كان يعتقد أنه سيشاهد الخطيئة تتكرر ..ففتح الباب بحركة سريعة ودفعه ..لكنه لم يجد أحد بالغرفة سوى نادية وكانت نائمة .. وإنتفضت من نومها على حركة الباب ..ودخل وهو يحمل بين يديه الطفل ..
رأت نادية الطفل بين يديه فجزعت وإندهشت ..وحاولت أن تتكلم .. ولكن ماذا ستقول .. ولكنها سألته : لم تحمل هذا الطفل بين يديك ؟؟
فنظر إليها نظرة لمحت فيها بريق السخرية وقال : أنه طفل صغير ..أحضرته كى يعيش معنا .. فقد عثرت عليه زوجة حمدان على قارعة الطريق ..وأخذت ترعاه بين أولادها .. فلما علمت بهذه الحكاية طلبت من حمدان أن أقوم برعايته .. كان الطفل مستغرقاً فى النوم عندما ناوله لها.. فحملته بين يديها .. وأرقدته بجانبها . ونظرت الى زوجها وقد تابع كلامه قائلا : أليس هذا ظلم حقاً ؟؟ أليس لهذه الأم التى القت بإبنها قلب ينبض بالحب ؟؟
قالت ناديه : ربما الظروف هى التى جعلتها تلقى به فى الطريق .. ولكنى متأكده من أنها كانت تراقبه حتى عرفت الشخص الذى حمله وأخذه ليرعاه .. نظر اليها قائلا : نعم ..ربما الظروف هى التى جعلتها تفعل هذا .. لا بد أنه ثمرة خطيئتها مع أحد الشباب .. وربما أنها متزوجة ..وخافت من أن يعرف زوجها الحقيقة فألقت به على قارعة الطريق ..
فإندهشت لكلامه وأخذت تستخلص منه الحقيقة ومدى ما وصل اليه من معرفة .. فقالت : ربما يكون هذا هو الذى حدث فعلا فأخذ يتمم كلامه قائلا : نعم .. ولكن ما الذى جعلها تسلك هذا الطريق الشائك
فأجابت : ربما أخطأت دون وعى منها ..وكل إنسان فى الحياة معرض للخطأ .. وربما قد ندمت على خطيئتها ..
سألها مقاطعا : ترى ما الذى دفعها الى ذلك ؟؟ .. أنى أعتقد بأنها كانت تحب شابا ً .. ولم تكن تحب زوجها.. وبرقت عيناها ولاحظ هو ذلك .. فأخذ يكمل كلامه ويلقى بألسهم الأخير فى جعبته : وربما هذا الزوج مريضا ً..
وأسدلت عينيها وراحت تبكى .. أنه يعلم الحقيقة كاملة .. وتمتمت قائلة : أننى ندمت على خطيئتى .. وكنت سأخبرك بالحقيقة حتى تغفر لى .. ولكنه صرخ فى وجهها : لقد خدعتينى .. والآن تتوسلين الى .. أخرجى من منزلى ..
وحاولت أن تتوسل اليه قائلة : أننى لم أكن .. ولكنه قاطعها وهو يصرخ : لا أريد تفسيراً ..أخرجى .. أذهبى الى الشيطان ..
والقى بجسده على المقعد وأخفى وجهه بين يديه ..وأخذ يبكى ..
ولم ينظر إليها .. ولم تستطع أن تنظر اليه .. وخرجت من المنزل .. وهى تحمل الطفل بين يديها ..

No comments:

My Drawings

The Best Favorite Videos

Some channels

Love for all

New visitors bloglog